سيدي عبد الله تمهّد لتفعيل المدن الجديدة

يؤشر تدشين رئيس الجمهورية "عبد العزيز بوتفليقة"، الأحد، لمدينة سيدي عبد الله الجديدة (40 كلم غرب الجزائر العاصمة)، على تفعيل سلسلة المدن الجديدة وهي: بوغزول (155 كلم جنوب)، سيدي عبد الله (40 كلم غرب)، بوينان (50 كلم جنوب)، المنيعة (870 كلم جنوب)، وحاسي مسعود (900 جنوب العاصمة).

بعد طول ترقّب، جرى افتتاح المدينة الجديدة لسيدي عبد الله التي تستوعب خمسة أقطاب بينها قطب عمراني، جامعي وآخر تكنولوجي على امتداد 7 آلاف هكتار بينها 3 آلاف مخصصة للتعمير، علما أنّ إنجاز هذه المدينة الجديدة اقتصر على 75%، على أن تستكمل بشكل نهائي في 2018.

وتتمتع مدينة "سيدي عبد الله" بموقع سهبي متميّز، ويتطلع القائمون عليها إلى استحداث ما لا يقلّ عن ألف مؤسسة صغيرة، وإطلاق 27 مشروعا استثماريا في قادم السنوات، وهو ما سيسمح بتوفير آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، ولن تقتصر مدينة سيدي عبد الله على البعدين الاقتصادي والتكنولوجي، بل ستمتد إلى إسكان مائتي ألف شخص، مع تزويدها بشبكة خدماتية تتوزع على الطرقات والسكك الحديدية، إلى جانب هياكل صحية ومرافق اجتماعية ورياضية، وفضاء خاص بالتكوين وآخر لحرفيي وممارسي الصناعات التقليدية.

وستحتضن "سيدي عبد الله" القطب البيو – تكنولوجي الرابع من نوعه دوليا، وهو يندرج ضمن مشروع شراكة جزائرية أمريكية ستمتد إلى غاية العام 2020، ولن يكتف "قطب الامتياز" بتغطية المتطلبات الدوائية للجزائر فحسب، بل يشمل أيضا افريقيا والشرق الأوسط على غرار القطبين الجهويين اللذين تمّ إنشاؤهما بكل من سنغافورة وايرلندا.

"بوغزول" همزة وصل

تفيد مراجع رسمية إنّ مدينة "بوغزول" الجديدة التي تزيد قيمة إنجازها عن 650 مليون دولار، هي مشروع بنيوي سيساهم كثيرا في المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للمناطق السهبية، كما ستكون كذلك همزة وصل بين الصحراء ومدن شمال البلاد.

وتمتدّ "بوغزول" على نحو 12 ألف هكتار، وتشير بيانات مؤسسة تسيير بوغزول، إنّ الأخيرة لم يتم إنشاؤها ككيان حضري معزول، حيث يراهن المسؤولون على جعلها مركز إشعاع اقتصادي ضخم، بما يعبّد الطريق أمام استغلال الطاقات المتجددة والتكنولوجيات غير الملوثة، وما يتصل بذلك من تنمية مستدامة.

وتقع هذه المدينة على ضفاف بحيرة سد بوغزول والذي يعد عنصرا هيكليا للمدينة، بغر ض المحافظة على النظام البيئي وتطوير الشبكتين الزرقاء والخضراء المقررتين في المخطط، وتشهد عملية انجاز أنابيب المياه التي تربط سد كودية أسردون على مستوى البويرة والمدينة الجديدة على طول 196 كلم تقدما بعدما جرى الشروع في أشغال انجاز منشآت التركيب بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية، وحسب معلومات سيتم الانتقال خلال الفترة القليلة القادمة إلى تجسيد عدة برامج سكنية وتوفير التجهيزات، إضافة الى انجاز مقر المدينة خلال الأشهر المقبلة .

وستحاط المدينة بأكثر من 22 كلم من مياه البحيرات وعدد من الحظائر المائية وتمثل حوالي 1000 هكتار من المساحات الخضراء الحضرية على طول محاور الطرقات الكبرى وحظيرة مركزية (130 هكتار) ربع المساحة القابلة للعمران.

كما يحيط بسيدي عبد الله حزام أخضر حضري يمتد عرضه من 300 الى 500 متر، يضاف إليه 12 ألف هكتار مخصّص للتشجير من أجل استحداث "مناخ مصغر" ومكافحة التصحر، وينص مخطط تهيئة هذه المدينة الجديدة أيضا على إنشاء 21 إقامة عصرية.

ويقدر عدد السكان الذين من المقرر أن تستوعبهم بوغزول ما يربو عن 350 ألف نسمة، وسط رهان على جعل هذه المدينة الجديدة قطبا للتنمية المتوازنة على مستوى الهضاب العليا وتحقيق التنافسية في محيط نوعي بيئي عالي الجودة، كما تنهض المدينة الجديدة أيضا بثمانية وظائف رئيسية وهي السكن والتعليم والبحث وتطوير الطاقات المتجددة والنشاطات الصناعية واللوجستية الادارية والخدمات والتجارة والسياحة والترفيه والفلاحة و الصناعات الزراعية، في حين تمنح الأحياء الراقية مجموعة متنوعة من السكنات ذات جودة عالية تكون راقية واقتصادية حسب مخطط هندسي ايكولوجي يضم كل المقاييس ذات النوعية البيئية العالية، مع توفير كل وسائل النقل الحضري الايكولوجي من حافلات وترامواي وغيرها.

ويراد لبوغزول أن تكون أنموذجا في مجال تثمين الطاقات الجديدة والمتجددة (الشمسية والصفائح الفولطية والهوائية)، نحو بلوغ نسبة 40 بالمائة من الطاقة المتجددة في أفق 2030 من خلال استغلال الطاقة الشمسية المقدرة بـ 1900 كيلوواط في الساعة سنويا، وسرعة الرياح التي تفوق أو تساوي 3 متر في الثانية والتي تفوق مدتها 4 آلاف ساعة في السنة.

ويتضمن برنامج تهيئة بوغزول، إنجاز محطة هجينة (شمسية وهوائية) على مساحة 45 هكتارا شرق المدينة وإقامة تجهيزات خاصة بإنتاج الطاقات المتجددة على مستوى التجهيزات العمومية وإدراج الطاقة الشمسية في الفضاءات العمومية (حظائر ومواقف السيارات)، مع تعميم تموين العمارات الموجهة للسكن.

اللوجستيك في بوينان والسياحة بالمنيعة

جرى التفكير في إنشاء مدينة بوينان على مساحة 1670 هكتار، بحيث تكون مركزا لوجستيا شاملا يُعنى بسد حاجيات الرياضيين في الجزائر من جانب التجهيزات وفضاءات التدريب ورسكلة الكوادر.

وبحكم محدودية إمكانات الجزائر على صعيد الهياكل السياحية، ورغبة الحكومة في تحويل البلد إلى وجهة سياحية، وتحقيق نقلة نوعية لقطاعها السياحي، جرى التخطيط لبعث مدينة سياحية متكاملة في قلب منطقة "المنيعة" الجنوبية، تشتمل على مجموعة متكاملة من الفنادق والمنتجعات والمراكز والمجمعات ذات الطابع التجاري الخدماتي، بما سيسهم بمنظور "محمد بشير كشرود" المسؤول المركزي على مستوى وزارة السياحة، في خلق موارد هامة وامتصاص البطالة بين شباب الجنوب.

أفق حاسي مسعود

تكتمل القائمة بالمدينة الجديدة "حاسي مسعود" (4483 هكتارا)، حيث يقوم المخطط على استحداث مشروع طاقوي أخضر بكلفة تزيد عن الست مليارات دولار، ويوضح "مراد زرياطي" المدير العام للمشروع، إنّ حاسي مسعود ستحتوي على معهد تكنولوجي ومراكز للتكوين المهني، إضافة إلى معهد عالي للنفط، ومركز للتنمية، فضلا عن عشرات مقار المالية والتأمينات والتجارة.

وستشهد حاسي مسعود" استحداث مشروع طاقوي أخضر بكلفة تزيد عن الست مليارات دولار، ويوضح "مراد زرياطي" المدير العام للمشروع، إنّ حاسي مسعود ستسهم في تحقيق انتعاشة اقتصادية طال انتظارها وتوفير قدر هائل من الوظائف، وإسهام ذلك في قيمة مضاعفة تكفل استثمار الفئات النشطة بشكل حيوي في قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة الاستراتيجية والبيو تقنية والطاقات المتجددة والعمران، تتيح تلبية الحاجيات المتزايدة التي يفرضها النمو الديموغرافي المتسارع في الجزائر.

امتصاص الضغط

جرى إطلاق مشاريع المدن الجديدة في الفترة ما بين 2004 و2006، كوصفة لامتصاص الضغط وفتح فضاءات جديدة بوسعها التحوّل إلى مراكز ثقل اقتصادية، وحرصت الحكومة على منح كل مدينة صفة متفردة، فبينما جرى تقديم "سيدي عبد الله" كعاصمة للاستثمار في اقتصاد المعرفة والتكنولوجيات الحديثة، أريد أن تتموقع "بوغزول" كقطب للطاقات المتجددة، بينما أسند إلى "المنيعة" دورا سياحيا، وآخر رياضيا خدماتيا إلى "بوينان"، في حين تمّ إعطاء "حاسي مسعود" طابع جزيرة خضراء تزاوج بين الاندماج البيئي والأنشطة الطاقوية.

ومن شأن تجسيد مشروعات هذه المدن، الانتقال إلى استثمار أكبر ومتعدد، وما يترتب عن ذلك من تحقيق قيمة مضافة تكفل استثمار الفئات النشطة في قطاعات حيوية بوزن الزراعة والصناعات الاستراتيجية والبيو تقنية والطاقات المتجددة والعمران، وبما يلبّي الحاجيات المتزايدة التي يفرضها النمو الديموغرافي المتسارع في الجزائر.

فالح نوّار

Add new comment